سخّرَ اللهُ تعالى للبشرِ طاقاتٍ ومواردَ طبيعيّة ليستفيدُوا منهَا ولتلبِي احتياجاتِهم على الأرضِ. من أهمِّ وأعظمِ هذه الطّاقاتِ هي طاقة الشّمسِ. إنّها سلاحٌ ذو حدينِ، فالتعرّضُ الطّويلُ لها يؤدِي لأضرارٍ كثيرةٍ على الإنسانِ، لكن ماذا لو استخدمَ الإنسانُ هذه الطاقةَ لما يخدمُ مصالحَهُ على الأرضِ وبنفسِ الوقتِ من دونِ أن يسببَ أيَّ أذىً تجاهَ الطّبيعةِ؟ فالمسكنُ المستدامُ يعتمدُ بشكلٍ رئيسيٍّ على استخدامِ هذه الطّاقةِ المتجددةِ وهذا ما سنتعرفُ عليهِ في هذهِ المقالةِ.
بدايةً، يجبُ أن نفهمَ كيفَ تعملُ الألواحُ الشّمسيّةُ وكيفَ تحوّلُ الأشعةُ الشّمسيّةُ إلى طاقةٍ يمكنُ استخدامُهَا. إنَّ الألواحَ الشمسيّةَ تتألفُ من مجموعةٍ منَ العناصرِ وهي إطارٌ معدنيٌّ وغلافٌ زجاجيٌّ وأسلاكُ لتوصيلِ التّيار منَ الخلايَا، وطبقتانِ من السيليكونِ: الأولى تحتوي على إلكتروناتٍ تتجولُ بحريّةٍ داخلَ الطّبقةِ، والثانية تحتوي على ثقوبٍ لتجذبَ الإلكتروناتِ الحرّةَ. عندما تصلُ أشعةُ الشّمسِ إلى الألواحِ الشّمسيّةِ، تمتصُ هذهِ الطبقاتُ أشعةَ الشّمسِ، لأنَّ السيليكونَ مادةٌ غيرُ معدنيّةٍ تمتلكُ خصائصَ تعملُ على امتصاصِ الأشعةِ وتحويلِها إلى كهرباءَ. هذا الامتصاصُ يسببُ إنشاءَ مجالٍ كهربائيٍّ داخلَ الخليّةِ الشّمسيّةِ، ممّا يؤدي إلى إنتاجِ الكهرباءِ. كميّةُ الكهرباءِ الّتي يتمُّ إنتاجُهَا تختلفُ حسبَ نوعِ الألواحِ الشّمسيّةِ، وتنقسمُ عمومًا إلى ثلاثةِ أنواعٍ مختلفةٍ:
تتكونُ اللّوحةُ من بلورةٍ واحدةٍ من السيليكونِ. تمتازُ بجماليةِ المظهرِ ولكن تكلفتُها عاليّةٌ، ويعودُ السّببُ في ذلكَ إلى طريقةِ تحضيرِ السّيليكونِ الّتي تتطلبُ دقّةً عاليةً لتكوينِ بلورةٍ متجانسةٍ، فيجبُ أن تبقى درجةُ حرارةِ الموادِ مرتفعةً جدًا، لذلكَ يتمُّ استهلاكُ كميّة كبيرةٍ من الطّاقةِ بسببِ فَقدِ الحرارةِ من السيليكونِ أثناءَ عمليةِ التّصنيعِ. ويمكنُ أن يتمُّ إهدارُ ما يصلُ إلى 50% منَ الموادِ خلالَ عمليةِ التّصنيعِ مما يسببُ زيادةً التّكلفةِ.
تتكونُ من بلوراتٍ متعددةٍ من السيليكونِ. يتمُّ صهرُ السيليكونِ وصَبِّهِ في قوالبَ ليتصلبَ، بعدَ ذلكَ يتمُّ تقطيعُ السّيليكونِ المصبوبِ إلى شرائحَ لاستخدامِها في الألواحِ الشّمسيّةِ. كِلفتُها أقلُّ من الخلايا أحاديّةِ التّبلورِ حيثُ لا تتطلبُ العمليّةُ نفسَ الوقتِ والطّاقةِ المطلوبةِ لإنشاءِ بلورةٍ واحدةٍ. لكن تُعتبرُ كفاءتُها أقلَّ لأنَّ حبيباتِ السّيليكونِ تشكلُ حدودًا تقيّدُ تدفقَ الإلكتروناتِ بكفاءةٍ.
الّتي تكونُ مكونةً من طبقاتٍ ضوئيّةٍ رقيقةٍ، ولكن تعتبرُ كفاءتُها أقلُّ منَ النّوعينِ السّابقينِ، لأنّها تتطلبُ استخدامًا أقلَّ من الموادِ حيثُ غالبًا ما تحتوي على طبقةِ سيليكونَ لا تتجاوزُ سماكتُهَا 1 ميكرون، ويكونُ السّيليكونُ المستخدمُ في الطّبقةِ ذا جودةٍ أقلَّ من الأنواعِ السّابقةِ.
في السّكنِ المستدامِ هناكِ العديدُ من الاستخداماتِ للطّاقةِ الشّمسيّةِ ومنها:
تمتصُ الألواحُ الشّمسيّةُ أشعةَ الشّمسِ وتحولُها إلى طاقةٍ كهربائيّةٍ تتوزعُ إلى جميعِ أنحاءِ المنزلِ، حيثُ يمكنُ تشغيلُ العديدِ من الأجهزةِ المنزليّةِ باستخدامِ هذهِ الطّاقةِ ممّا يقللُ من الفواتيرِ الشّهريةِ أيضًا على السّكانِ. وفي حالاتِ الطّوارئِ يتمّ استخدامُ الطّاقة المختزنةِ الاحتياطيّةِ لتلبيةِ احتياجاتِ السّكانِ.
عن طريقِ نظامٍ خاصٍ يتضمنُ مخازنَ المياهِ ونظامُ تجميعِ الطّاقةِ الشّمسيّةِ. ولهذا النّظامِ نوعانِ:
وينقسمُ إلى نوعينِ، الأولُ نظامٌ يوزعُ بشكلٍ مباشرٍ، والّذي يعملُ بكفاءةٍ في المناخِ المتجمدِ عن طريقِ توزيعِ المياهِ عبر المجمعاتِ إلى المنزلِ. والثّاني نظامُ الدّورانِ غيرُ المباشرِ الّذي يسخنُ المياهَ قبلَ نَقلها إلى المنزلِ عن طريقِ سائلٍ خاصٍ يدورُ في المجمعاتِ ويستخدم هذا النوع بشكل كبير في المناخ البارد جداً.
كفاءتُهَا أقلُّ وتكلفتُهَا أقلُّ منَ النّشطةِ لكنّها تبقى لمدةٍ طويلةٍ وتنقسمُ إلى نوعينِ، الأولُ النّظمُ السّلبيةِ لتخزينِ المُجمعِ الكاملِ، تدخلُ أشعةُ الشّمسِ وتسخّنُ المياهَ الموجودةَ في الخزانِ المُغطى بمادةٍ شفافةٍ، ويفيدُ استخدامُهَا في المنازلِ الّتي تستهلكُ المياهَ السّاخنةَ بشكلٍ كبيرٍ. والثّاني هو نظامُ Thermosyphon يتمُّ فيه تسخينُ المياهِ بالمُجمعِ على السّطحِ، ثمَّ تتدفقُ المياهُ مباشرةً عندَ فتحِ أيِّ صنبورِ مياهٍ داخلَ المنزلِ، ويمتازُ هذا النّوع بسعةِ تخزينٍ كبيرةِ.
حيثُ يستطيعُ الأشخاصُ الّذين يهتمونَ بالتصميمِ الدّاخليِ لمنازلِهِم عن طريقِ تركيبِ أنواعٍ مختلفةٍ من الإضاءةِ أن يَستفيدوا من موضوعِ الطّاقة الشّمسيّةِ، ممّا يقللُ من التّكاليفِ الماليّة. حيثُ هنالكَ العديدَ من أنواعِ الإنارةِ الّتي يمكنُ أن تُبهرَ مَنزلَكَ، وتعتمدُ بالكاملِ على الطّاقةِ الشّمسيّةِ المستدامةِ. ولا يقتصرُ موضوعُ الإنارةِ على الدّاخلِ فقط، وإنّما يمكنُ أيضًا استخدامُهَا للإنارةِ الخارجيّةِ مثلَ الحديقةِ المحيطةِ بالسّكنِ أو لإنارةِ الشّارعِ.
وهو من أحدثِ التّطبيقاتِ الشّائعةِ في السّكن حاليًا، لأنّ الكاميراتُ المعتمدةُ على الطّاقةِ الشّمسيّةِ تتمتعُ بعمرٍ وأداءٍ يستمرانِ لفترةٍ طويلةٍ مقارنةً بعمرِ الكاميراتِ العاديةِ. وقد تبقى قادرةً على العملِ لمدةِ أشهرٍ من دونِ الحاجةِ إلى الشّحنِ.
استخدامُ الضوءِ المباشرِ للشّمسِ لتوليدِ الحرارةِ وتسخينِ الطّعامِ، وذلكَ عن طريقِ ألواحِ الطّاقةِ الشّمسيّةِ دونَ الحاجةِ إلى الاعتمادِ على مواقدِ الغازِ.
تعتبرُ مِروحاتُ التّهويةِ الشّمسيّةِ فعالةً جدًا، لأنّها تتميزُ بالتّكلفةِ المُنخفضةِ مقارنةً بالمِروحَاتِ التّقليديةِ الّتي تعملُ بالكهرباءِ. ومنَ الجديرِ بالذّكرِ أنّها تتمتعُ بنفسِ الهيكليّة التقليديّة لمروحاتِ التهويةِ المعدنيةِ، ولكن فعاليتُهَا تعتمدُ بالكاملِ على الطّاقة الشّمسيّةِ الّتي تولِدُهَا.
إنَّ استمرارَ تغيرِ المناخِ يبقى مصدرُ قلقٍ رئيسيٍّ في السّياسةِ العالميّةِ والبحثِ العلميِّ، وخاصةً فيما يتعلقُ بصناعاتِ الهندسةِ المعماريّةِ والبناءِ. ويرجعُ هذا القلقُ إلى حقيقةِ أنّ صناعةَ البناءِ تسهمُ بنسبةِ 40% من إجماليِّ الانبعاثاتِ العالميّةِ. ولمعالجةِ المخاوفِ المتزايدةِ حولَ تغيرِ المناخِ، قامت شركةُ Mitrex بتطويرِ أنظمةٍ مبتكرةٍ ومتعلقةٍ بموضوعِ الاستدامةِ. ومعَ تطورِ نظامِ الطّاقةِ الشّمسيّةِ بمرورِ الوقتِ، أنتجت الشركةُ العديدَ من الأفكارِ وتمَّ تطبيقُهَا بعدّةِ مواضعٍ منها:
أنتجت الشركةُ إكساءً للواجهاتِ مصنوعٌ من ألواحِ الطّاقةِ الشّمسيّةِ ذاتِ الوزنِ الخفيفِ، والّتي يمكنُ أن تبدو كموادِ إكساءٍ كالرخامِ أو الخشبِ وغيرهِ. وهنا يستطيعُ المهندسينَ الإبداعُ في آليةِ تشكيلِ هذهِ الألواحِ ضمنَ الواجهاتِ على عكسِ الألواحِ التّقليديةِ المعروفةِ بحجمِهَا وشكلِهَا التّقليديّ.
تمَّ إنتاجُ Mitrex solar glass ليحلَّ مكانَ الزّجاجِ العاديِّ، يمكنُ استخدامهُ في النّوافذِ وعناصرَ أخرى داخلَ البناءِ. ولم يقتصرُ إبداعُ هذهِ الشركةِ على الّذي ذكرَ في السّابق، بل أنّها قامت بتطويرِ الألواحِ الشّمسيّة التّقليديّة الّتي توضعُ على السّقف عادةً إلى ألواحٍ لا يمكنُ تمييزُهَا عن مادةِ السّقفِ التّقليديّةِ كالإسفلتِ وغيرِهَا. إنَّ هذا التطورُ المبتكرُ للطّاقةِ الشّمسيّةِ يمنحُ المهندسينَ خيارَ تبني هذه الأدواتِ دونَ أن تؤثرَ على فكرتِهم التّصميميّةِ. كما أنّ هذهِ الألواحُ لا تحتاجُ إلى الصّيانةِ كلَّ فترةٍ لأنّها معالجةٌ بطلاءٍ مضادٍ للتّلوثِ والّذي يقللُ من تراكمِ الغبارِ والأوساخِ على الأسطحِ.
هنالكَ العديدُ من الفوائدِ لاستخدامِ الطّاقةِ الشّمسيةِ في منزلِك ومنها:
كلّما زادت كميةُ الطّاقةِ الّتي يمكنكُ إنتاجُهَا بنفسكِ، كلّما قلَّ قلقكَ بشانِ ارتفاعِ أسعارِ الطّاقةِ. عادةً، يتمكنُ العديدُ من المنازلِ من تقليلِ الإنفاقِ على الكهرباءِ بنسبةٍ تصلُ إلى 80% وذلكَ حسبَ عددِ الألواحِ المثبتةِ ونوعِهَا .
بمجردِ تركيبِ الألواحِ لا داعٍ للقلقِ، فلا يوجدُ أيُّ تكاليفٍ إضافيةٍ للقلقِ بشأنِهَا. ولكن يفضلُ مراعاةِ التّنظيفِ الدّوريِّ لسطحِ الألواحِ الشّمسيةِ لضمانِ الاستفادةِ القصوى من الطّاقةِ الشّمسيّةِ. ومعظمُ الألواحِ المتوفرةِ في السّوقِ حاليًا تأتي بضمانٍ من 20-30 سنة.
تعتبرُ ألواحُ الطّاقةِ الشّمسيّةِ بيئيّةٌ ومستدامةٌ، حيثُ لا تسببُ أيّةُ انبعاثاتٍ ضارةٍ أو غازاتٍ مثل ثاني أكسيد الكربون. فتطبيقُ هذهِ الألواحِ في كلِّ المنازلِ ينتجُ عنهُ التّقليلُ منَ التّلوثِ العالميّ وحفظِ آلافِ الأرواحِ سنويًا.
إضافةُ الألواحِ الشّمسيّةِ إلى منزلكَ لا تعززُ قيمتُهُ فحسب، فبفضلِ استخدامِ الطّاقةِ المتجددةِ، بل تجذبُ أيضًا اهتمامَ المشتريينَ في ظلِّ ارتفاعِ فواتيرِ الكهرباءِ، وبالتالي سيتمُّ بيعُ منزلِكَ بسرعةٍ أكبرَ معَ وجودِ هذهِ الميزةِ.
في ظلِّ التّطورِ التّكنولوجيّ المتسارعِ في عصرنَا هذا، لا شكَّ أنّه من الضروريّ أن يدخلَ هذا النّظامُ المتجددُ المحافظُ على البيئةِ إلى المنازلِ وجميعُ الأبنيةِ للاستفادةِ من هذهِ الطّاقةِ الوفيرةِ والمجانيّةِ بما يخدمُ الإنسانَ ويلبي احتياجاتُه. فهذهِ التّكنولوجيا لن تكونَ فقط استثمارًا في المنازلِ وإنّما في مستقبلِ الكوكبِ كلهِ ممّا يجعلهَا خيارًا مستقبليًا لا يعدُّ أقلُّ من الضّروريِّ.