العَصرُ الأَمَوِي (Umayyad) هُو أَولُ عَصرٍ إِسلاَمِيٌ بَعدَ الخُلَفَاءِ الرَاشِدينَ ويُنسَبُ إِلَى مُعاويَة بِن أَبِي سُفيانْ، وقَد نَقلُوا عَاصِمَةُ الخِلافَةِ مِن المَدينَة المُنَورَة إِلَى دِمشقَ عَاصِمةُ سُوِريَا، واتَسعَت الإِمبرَاطُورِيةُ الإسلاَمِيةُ فِيهِ مِنَ الصِينِ شَرقاً إِلى المَغرِبِ وإسبَانياَ (الأَندَلُس)غَربًا. وكَانَ اختِيارُ دِمشقَ كَعاصمةٍ للخِلافةْ الإسلامية السببَ الرَئيسيَ في ظُهور الفنُ الإسلامي الأول وظُهور الطِرازُ الأموي، وهو أولُ مدارس الفن الإسلامي وقد اهتم الأمَويون بعمارة المساجد بشكلٍ خاصٍ، إذْ كان تصميمُ المسجد في عصرِ الخُلفاء الراشدين يسير على نهج تخطيطُ مسجدِ الرسول عليه الصلاة والسلام في ذلك الوقتِ، فقد كَان بِلا مِحرابٍ ولا مِئذَنَةٍ، و كان يتكونُ من صحنٍ مكشُوفٍ بِهِ ظِلةٌ واحدةٌ هي ظلةُ الصلاةِ، كَما كان غيرَ مُزخَرفٍ؛ إذ يُعدُ ذلكَ مِنَ الأشياءِ المَكرُوهةِ في الدِين ِالإسلامي ُ.
المسجدُ في الإسلامُ ليس فقط مكاناً لأداءِ العبادة إنَمَا هو المعبد، و البرلمانُ، وهو المَدرسة و النَادِي، وأيضاً المحكمة.
ففي المسجد يكون انتخاب الخليفة، وفيه تصدر القوانين التي تأتي من الشرع ثم تعلن فيه على الناس.
عند تولي أميرٍ جديدٍ يدخل المسجد أولاً ويُعلن عن سياسته، وفي حالة الحرب يتم الإعلان عنها فيه، كما أنه ليس في الإسلام حُروبٌ هجوميةٌ لمجرد الفتح والاستعمار، بل فيه الحربُ الدفاعية فقط.
يتم تدريس العلوم الدينية والدنيوية فهي تكون فرض كفايةٍ في نظر الإسلام، مثل الكيمياء والفيزياء والرياضيات، فالإسلام يجعل التعلم فرضاً كفروض العبادات .
تصدر فيه أحكام العدل والقضاء.
في عصر الدولة الأموية تطورت المساجد من حيث التصميم، إذ أصبح صحن المسجد مرفقٌ به أربعُ ظلات تحيط به، وتتكون الظلة من عدة أروقةٍ. كما أصبح مركز تصميم المسجد منذ ذلك الزمان هو الصحن والأروقة المحيطة به.
من أشهر الزخارف التي اتخذها الأمويون من الأمم السابقة هي زخارفهم النباتية مثل ورقة العنب الثلاثية والخماسية الفصوص، وعناقيد العنب وكيزان الصنوبر، والمراوح النخيلية وأزهار اللوتس. وقد عملوا على تحويرها والإضافة والحذف بما يتفق ويتماشى مع مرجعيتهم وعقيدتهم، فمن ضوابط الفن في الإسلام ألا يقود للوثنية، أو الشرك بالله، أو التجسيد، فتم البعد عن الزخارف الحيوانية خاصةً في بداية الإسلام، وقد ازدهرت العناصر الزخرفية في عهدهم وتميزت بالدقة في رسم الزخارف النباتية.
المسجد الأموي في دمشق:
الصرح المعماري الأول والأكبر في التاريخ الإسلامي هو المسجد الأموي، كما أنه يعد نقطة التجمع المركزية الأولى التي وحدت المسلمين بعد مكة، خلال الخلافة الأموية.
كان المسجد في الأصل كنيسةً، ثم في 661 م أي بعد الفتح الإسلامي أصبح جزءٌ من المبنى مسجداً عُرف ب"مسجد الصحابة "، إذ أصبح المسيحيون والمسلمون يدخلون من البوابة الجنوبية ذاتها ثم ينقسمون، فالمسلمون يلتفون يميناً نحو الشرق إلى مسجدهم و المسيحيون يساراً نحو الغرب إلى كنيستهم. استمر الوضع على ما هو عليه حتى تولى الوليد بن عبد الملك الخلافة، ففي عهده أمر ببناء صرحٍ معماريٍ مستقلٍ يلبي حاجة المسلمين ويستوعب أعدادهم، كما يعبر عن الدين الإسلامي.
يتفرد المسجد الأموي بمسقطه المستطيل، الذي ميزه عن باقي المساجد الأولى في الإسلام. حرمُ المسجد تكون من ثلاثة أروقةٍ، كما كان مسقوفاً بثلاثة جمالوناتٍ مثلثةٍ متوازيةٍ. واستُعملت الأعمدة الرخامية المأخوذة من المعابد القديمة داخل حرم الصلاة لحمل العقود. ولعل كسوة الواجهات الخاصة بالصحن والرواق المحيط به بأحجار الموزاييك والرخام هي أكثر ما تميز به المسجد الأموي.
في الصحن ثلاث قبابٍ، قبةٌ في الجانب الغربي وقبةٌ أخرى شرقيةٌ، أما الثالثة فهي مركزيةٌ في الصحن تعلو الميضأة أو فسقية الماء.
في المسجد أربعة أبوابٍ رئيسيةٍ:
وهو أكبر الأبواب وأجملها، ويعرف بباب جيرون وعرف أيضاً باسم باب النوفرة.
ويُعرف بباب البريد.
ويعرف بباب الناطفيين وسمي أيضا باب العمارة وباب السميساطية وباب الكلاسة.
وهو باب الزيادة (باب القوافين أو باب الساعات)
يحتوي المسجد اليوم على ثلاثة مآذن :
هي عبارة عن أربعة مشاهد على هيئة مساحةٍ مستطيلةٍ تحمل أسماء الخلفاء الراشدين الأربعة رضي الله عنهم وهي:
بناء المساجد في العصر الأموي كان بداية الفن الإسلامي لما للمسجد من وظائف متعددةٍ، فهو مصدر التعليم الأول في العصر الأموي، وقد تطورت المساجد فيه، فمن مرونة الإسلام أنه لم يشترط تصميماً محدداً لبناء المساجد، بقدر ما وضع ضوابط عامةً تحدِّد هويتها مثل الطهارة واتجاه القبلة. وقد انتشرت المساجد في دولٍ كثيرةٍ كمصر وسوريا وفلسطين وإيران ومازال بعضها موجوداً حتى الآن، ويتم ترميم المساجد وصيانتها على مر العصور للحفاظ عليها.
لم يكن المسجد الأموي في دمشق هو فقط أشهر المساجد في العصر الأموي بل كان جنباً إلى جنبٍ مع بِنَاء تُحفةٍ معماريةٍ خالدةٍ في فلسطين ألا وهي المسجد الأقصى، فكيف صُممت هذه التحفة المعمارية؟