تستعد العاصمة الفرنسية باريس لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية ٢٠٢٤، التي تُقام من ٢٦ يوليو إلى ١١ أغسطس ٢٠٢٤، وتُعدّ هذه الدورة شاهداً على التزام باريس بتوظيف أحدث التقنيات لخلق تجربة استثنائية للرياضيين والجمهور على حدٍ سواء.
وتبرز تقنية "التوأمة الرقمية" كأحد أهمّ الابتكارات التي تُستخدم في تصميم وبناء منشآت هذه الدورة، تاركين وراءهم "إرثًا رقميًا" يدعم استدامة المشاريع وكفاءتها على المدى الطويل.
تعتمد هذه التقنية على تصميم المنشآت الأولمبية بشكل افتراضي، ممّا يُساهم في تسريع عملية البناء، وزيادة كفاءتها، وتقليل الحاجة إلى التنقل المتكرر إلى مواقع البناء ومنها.
يوضح بول فوستر -الرئيس التنفيذي لشركة OnePlan البريطانية الرائدة في مجال البرمجيات- المزايا العديدة لهذه التقنية، قائلاً: "بفضل التوأمة الرقمية، يستطيع جميع المخططين والمهندسين العمل معًا باستخدام نفس البيانات، ممّا يسهل عملية التعاون والتواصل بين جميع الأطراف المعنية."
وتابع: "يُتيح ذلك للمذيعين تحديد أماكن وضع الكاميرات بدقة عالية من خلال المحاكاة الافتراضية، مع مراعاة موقع الشمس وتأثيرها على التصوير، مثل وهج العدسة وانعكاسات الضوء على الأسطح."
أكد عمر الزيات، رئيس تكامل الابتكار في اللجنة المنظمة لدورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية باريس ٢٠٢٤، على أهمية "الإرث الرقمي" الذي ستتركه هذه الدورة، مُشيرًا إلى أنّه يبدأ قبل انطلاق الدورة ويمتد بعد انتهائها، ليشمل جميع أصحاب المصلحة والشركاء التجاريين.
وأوضح الزيات: "لا نريد أن ننشئ شيئًا ما ثم نقضي وقتًا طويلًا في تشغيله لفعاليتين تستمران لمدة أسبوعين فقط. لذلك، من المهم جدًا بالنسبة لنا أن نأخذ بعين الاعتبار إمكانية إعادة استخدام هذه الأماكن على المدى الطويل بالتعاون مع الجهات المسؤولة عنها."
يُولي منظمو دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية باريس ٢٠٢٤ اهتمامًا كبيرًا بتعزيز تجربة الجماهير، وضمان مشاركتهم الفاعلة في هذا الحدث العالمي.
وذكر الزيات: "نحن ندرك أنّه ليس بإمكان الجميع الحضور شخصيًا، ولكننا نتيح الفرصة للعديد للمشاركة في العديد من الفعاليات. ونحن نفكر في كيفية استخدام التكنولوجيا لإشراك الجماهير رقميًا وجسديًا على حد سواء."
لم تقتصر فوائد تقنية "التوأمة الرقمية" على تحسين تصميم وبناء منشآت دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية باريس ٢٠٢٤، بل امتدت لتُشمل اللاعبين المشاركين أيضًا، حيث وفرت لهم تجربة فريدة من نوعها ساعدتهم على الاستعداد بشكل أفضل للمنافسات.
فقد أتاح النموذج الافتراضي للاعبين فرصة استكشاف مسارات السباقات وتفاصيل الملاعب والمناطق المحيطة بها بدقة عالية، مما ساعدهم على تكوين صورة ذهنية واضحة عن بيئة المنافسة. هذه الميزة سمحت للاعبين بوضع خطط واستراتيجيات مُسبقة وتحسين أدائهم بشكل ملحوظ، ورفع روحهم المعنوية وتعزيز ثقتهم بأنفسهم.
ولم تقتصر فوائد التكنولوجيا الحديثة على بناء المنشآت وتطوير أداء اللاعبين، بل شملت أيضًا مجالات أخرى أساسية لضمان نجاح الدورة:
نقل الألعاب إلى بعد جديد: تُستخدم معالجات Intel Xeon® لتشغيل منصة مبتكرة للفيديو ثلاثي الأبعاد (فولوميتري) تُتيح للمشاهدين الاستمتاع بتجربة غامرة وكأنهم حاضرون في قلب الحدث.
ربط الجميع: تُستخدم شبكات الجيل الخامس الخاصة (Private 5G) لتوفير اتصالٍ سريع وموثوق به خلال دورة الألعاب، مما يُتيح للرياضيين والجمهور البقاء على اطلاع دائم بآخر الأخبار ومشاركة تجاربهم في الوقت الفعلي.
جعل الألعاب متاحة للجميع: تُستخدم حلول الذكاء الاصطناعي لبناء تطبيقات تُحسّن إمكانية الوصول إلى الألعاب الأولمبية والبارالمبية، وتُقدم تجربة أفضل لذوي الإعاقة البصرية، مما يُجسد التزام المنظمين بتحقيق مبدأ الشمولية والمساواة.
وبذلك، تُقدم دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية باريس ٢٠٢٤ نموذجًا رائدًا للاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في مختلف المجالات، لخلق تجربة استثنائية للرياضيين والجمهور على حد سواء.